Pages

mercredi 15 décembre 2010

مراد وهبه: الأصولية أبعدت الفلسفة عن رجل الشارع فتخلف المجتمع


موقع شفاف الشرق الأوسط

15 – 12 – 2010


كما ظل سارتر يؤكد على الدوام موقفه من المثقف المناضل بأن الحرية و المسؤولية كيان مشترك، و كما كتب غرامشي عن المثقف العضوي، فإن الفيلسوف العقلاني مراد وهبه يمنح للفلسفة أبعادها المجتمعية التي طالما تناسها فلاسفة آخرون تعوزهم الشجاعة و يفتقرون للمصداقية.

أشكر هذا الموقع على هذا الحوار، كما أشكر الإخوان الذين يقدمون أراء هذا الفيلسوف المناضل تقديما شيقا لعامة الناس في موقع فيسبوك. إنهم يطبقون ما يقول عنه هذا المثقف حين يتحدث في هذا الحوار عن العلاقة بين النخبة و الجماهير. إنها علاقة ذات أهمية حضارية فائقة. و لا خطأ فيما فعله فيلسوفنا الجليل في المؤتمر المنعقد سنة 1983. فلو أراد المثقفون و السياسيون أن يصلحوا المجتمع إصلاحا جذريا و بآفاق تقدمية حقا لجعلوا أطروحاتهم في متناول عامة الناس و ضمن النضالات اليومية للجماهير الكادحة و أولوياتها التنموية . تلك هي الغاية المقصودة في الحوار بين الفيلسوف العقلاني و أشخاص شبه أميين و بعيدين كل البعد عن النخبة المثقفة. إنه ليس تقليلا من شأن الفلسفة. إنه على العكس من ذلك تقوية لها بجماهير شعبها. إنه تفلسف بين عامة الناس من أجل مصالحهم التنموية و التحررية و التوحيدية. هذا هو التفلسف الديموقراطي، أو هذه هي الديموقراطية الفلسفية. إنه ترسيخ للنقد و للتطوير و للمقارنة و للوعي النضالي التقدمي بين الجماهير بفضل حثها على التفكير المنطقي العلمي. نسمي هذه العلاقة براكسيس. و لا أهمية لمحاولة المستفيدين من التخلف أن يسموها حوار الفيلسوف مع "رجل البطاطا". لا يتضرر مراد وهبه من تلك التسمية. بل ها أنتم ترون أنه يفتخر بها حتى بعد مضي كل السنين. تلك تسمية لا يتحرج منها عامل أو مزارع أو حرفي، و لا يتحرج منها أيضا أي مناضل مثقف ثقافة تقدمية عقلانية أخلاقية. إنها تسمية تكشف الطابع  الطفيلي لمن يعتقد أنه يهين بها الفقراء، أو أنه يستفز بها المكافحين لأجل توعية الجماهير البائسة ثقافيا بسبب الظلم و الفساد. نحن نحاور المزارعين و العمال و الحرفيين حوارا نعرف أعمق معرفة أنه ذا أكبر جدوى مجتمعية عموما و سياسية خصوصا. نخاطبهم بما يلائم ظروفهم و طموحاتنا في آن واحد. و لا تناقض في هذا الجمع.  إنها تربية أخلاقية و سياسية للجماهير الشعبية . وهي واجب على كل مثقف.

تصوروا أيها الأصدقاء كيف سيكون العالم لو أن سائر الكادحين يتساءلون عن غائية و سببية النظام العام في بلدهم و مخالفته لما هو موجود في دول متقدمة، أو أنهم يتساؤلون عن غائية و سببية العقائد و التشريعات المسلطة عليهم. تلك التساؤلات هي بوابة التطوير الحضاري للمجتمعات. و ليست الفلسفة العقلانية الحديثة إلا تشجيع الشعوب على التعبير الحر جماعيا و فرديا و حزبيا و إبداعيا عن حقوقها و حرياتها الشخصية و السياسية المقررة في مواثيقها العالمية. أليست هذه هي الجدوى الأعظم بالنسبة للشعوب و للطللائع المثقفة؟ إن الحوار الغير مجدي هو ذاك الجهد المهدر في مناقشة المتخبطين في فساد أو في ديكتاتورية أو في إجرام منظم. أما الناس البسطاء فالحوار الفلسفي يعلمهم الحرية الفكرية. و هو ما يحررهم من الاكاذيب و الأباطيل، و بالتالي من الظلم و التخلف.

أختتم بالقول أن لنا في هذا الصنف الراقي من الفلاسفة قدوة نضالية و نموذجا كفاحيا. و حبذا لو أن مثقفين آخرين كثيرين يحذون حذوه.